الجديد

سقوط غرناطة: نهاية المجد الإسلامي في الأندلس

 

سقوط غرناطة: نهاية المجد الإسلامي في الأندلس


سقوط غرناطة: نهاية المجد الإسلامي في الأندلس

 آخر ممالك المسلمين في الأندلس 


مقدمة :

في صباح شتوي بارد من يوم 2 يناير عام 1492م، توقفت أنفاس التاريخ وهو يشهد مشهدًا مأساويًا؛ السلطان أبو عبد الله الصغير، آخر ملوك بني الأحمر، يسلّم مفاتيح غرناطة – آخر قلاع المسلمين في الأندلس – للملكين الكاثوليكيين فرناندو وإيزابيلا. حينها لم تكن تلك مجرد مدينة تُسلَّم، بل حضارة عمرها 8 قرون تنهار أمام العيون، لتبدأ صفحة جديدة من الاضطهاد والتغيير القسري. فكيف وصلت الأمور إلى هذا المشهد؟

 

 البداية المجيدة: دخول الإسلام إلى الأندلس

في عام 92هـ (711م)، عبر طارق بن زياد البحر من المغرب إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، وحقق انتصارًا كبيرًا في معركة وادي لكة ضد القوط، ففُتحت الأندلس تحت راية الدولة الأموية. امتدت الحضارة الإسلامية على مدى قرون، وكانت قرطبة، إشبيلية، وغرناطة منارات للعلم، الطب، والهندسة، حيث عاش المسلمون واليهود والمسيحيون في ظل أنظمة تضمن التعايش النسبي.

 

 مرحلة الازدهار: الدولة الأموية في الأندلس

أسس عبد الرحمن الداخل عام 138هـ (755م) الدولة الأموية في الأندلس بعد نجاته من مذابح العباسيين في الشرق. واستمرت سلالته في الحكم حتى العصر الذهبي في عهد عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر، حين أصبحت قرطبة من أعظم مدن أوروبا. لكن كما هو الحال مع كثير من الدول، لم يكن الازدهار دائمًا.

 

 بداية التفكك: ملوك الطوائف

مع بداية القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وبعد سقوط الخلافة الأموية عام 422هـ (1031م)، انقسمت الأندلس إلى دويلات صغيرة تُعرف بـ"ملوك الطوائف"، يحكمها أمراء متنازعون، كلٌ يبحث عن مجده الشخصي، وغالبًا ما استعانوا بالصليبيين ضد بعضهم. كان هذا الانقسام بداية الضعف الحقيقي الذي استغلته قشتالة وأراجون والدويلات المسيحية في الشمال.

 

 محاولات الإنقاذ: المرابطون والموحدون

في مواجهة الخطر المسيحي، استُدعي المرابطون من المغرب بقيادة يوسف بن تاشفين، الذين أوقفوا زحف الصليبيين مؤقتًا في معركة الزلاقة (1086م). ثم جاء الموحدون بعدهم، وحققوا انتصارات لفترة، أبرزها معركة الأرك (1195م). لكن سرعان ما ضعفت شوكتهم أيضًا، وتراجع نفوذهم، ليعود الانقسام من جديد.

 

 غرناطة الأخيرة: آخر معاقل الإسلام

في ظل هذا الضعف، ظهرت مملكة غرناطة بقيادة بني الأحمر عام 1238م، واستمرت ما يقارب 250 عامًا بفضل الدبلوماسية، ودفع الجزية أحيانًا، والاحتماء بالجبال. لكن مع توحيد إسبانيا تحت الملكين الكاثوليكيين، وتوجيه كامل القوى العسكرية ضد غرناطة، بدأت الحرب الأخيرة عام 1482م، واستمرت عشر سنوات حتى استُسلمت المدينة عام 1492م.

 

 ما بعد السقوط: محاكم التفتيش والتهجير

رغم شروط الاستسلام التي نصت على احترام حرية العقيدة، لم تدم طويلًا؛ إذ أُجبر المسلمون على التنصير أو الهجرة، وقامت "محاكم التفتيش" بتعذيب من يُشك في تمسكه بالإسلام سرًا، وانتهى الوجود الإسلامي رسميًا بإخراج الموريسكيين عام 1609م.

 "ابكِ مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجال."

قالت تلك العبارة التاريخية والدة آخر ملوك غرناطة أبوعدالله الأحمر

 يُقال إن أبا عبد الله بكى عند تلة تُعرف اليوم باسم "صخرة الوداع" أو بالإسبانية El Suspiro del Moro أي "زفرة العربي"، حيث ألقى النظرة الأخيرة على غرناطة.

 

 دروس من التاريخ

سقوط الأندلس لم يكن فقط نهاية لحكم سياسي، بل أفول لحضارة عظيمة كان يمكن أن تستمر لولا التناحر الداخلي، وقلة الوحدة، والانغماس في الترف. إنها قصة تحذيرية لكل أمة تنسى أن الحفاظ على المجد يتطلب التضحية والتماسك، لا التنازع والاعتماد على الأعداء.

 فهل من واع للتاريخ ودروسه

توحدوا يرحمكم الله ، واصطفوا خلف كبيركم

واستقيموا يرحمكم الله

 


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -