المماليك l البداية والنهاية - أصل الحكاية - مُعلم وطالب
المماليك الدولة ومابعد الدولة ، والعثمانيين والكشوف الجغرافيّة
المماليك ، تلك الدولة التي أنقذت العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد في يد المغول، وسقوط
الخلافة الاسلاميّة.
هل سمعت عن سيف الدين قُطز؟
ذلك القائد المملوكي الأشهر الذي تمكن من هزيمة المغول ( التتار) في المعركة الشهيرة
عين جالوت .
هل سمعت عن الظاهر بيبرس؟
ذلك القائد المُغوار الذي ورث جهاد الأيوبيين في الجهاد ضد الصليبييّن واستعاد عدة مُدن
في بلاد الشام من أيدى الصليبييّن وأشهرهم مدينة يافا في فلسطين الحالية.
لمتابعة موضوع عمر مكرم وعلاقته بمحمد على اضغط على الرابط
التالي ( من هُنا )
ولكن لم ينته المماليك بعد سقوط دولتهم ، بل استمروا فاعلين على المسرح السياسي
المصري ، وأشهرهم على بك الكبير الذي قام بحركة انفصاليّة عن الدولة العثمانيّة ، ثم
فشل في حركته بسبب خيانة محمد بك ابو الدهب.
حتى تمكّن محمد علي من القضاء عليهم عام 1811م ليتولى حكم مصر.
ماحكاية المماليك ، وما أصل الحكاية ؟
البداية الزمان والمكان
تبدأ الحكاية في زمن الخليفة العبّاسي المأمون الذي تولى الخلافة العبّاسيّة عام 813 م
ثم أخيه الخليفة المُعتصم ، اللذين قاما بجلب أعدادًا كبيرة من الرقيق من بلاد مابين
النهرين ( نهر سيحون ونهر جيحون ) تلك الأنهار التي تجري شمال تركمنستان
وأفغانستان، ويفصل بينهما وبين أوزبكستان وطاجكستان، وأغلب سكان تلك البلاد
من التُرك.
لمتابعة أصل حكاية على بك الكبير وأخطر حركة انفصالية عن الدولة العثمانية
اضغط على الرابط التالي ( من هُنا )
وبمرو الزمن أصبح المماليك هم الآداة العسكريّة الرئيسة في كثير من البلاد الإسلامية،
وكان أمراء الدولة الأيوبية بوجه خاص يعتمدون على المماليك الذين يمتلكونهم في تدعيم
قوتهم، ويستخدمونهم في حروبهم، حيث كانت أعدادهم محدودة.
زمن الملك الصالح نجم الدين أيوب
إلى أن جاء عهد الملك الصالح أيوب، الذي ربّاهم تربية مختلفة عسكريّة ودينيّة ،
وأصبحت العلاقة بين المالك والمملوك ، هى علاقة التلميذ بأ ستاذه ، وحدثت فتنة خروج
الخُوارِزمية من جيشه، فاضطر إلى الإكثار من المماليك، حتى يُقوي جيشه ويعتمد عليهم،
وبذلك تزايدت أعداد المماليك ، وخاصة في مصر.
وبعد وفاة نجم الصالح أيوب ، حكمت شجرة الدُر مصر لمدة ثمانين يومًا وبايعها المماليك
، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني (1250م).
بعد رفض فكرة أن تحكم البلاد إمراة ، دبرت شجرة الدُر للزواج من رجل تضمنه وتضمن
ولاءه ، ومعروف عنه البُعدعن الصراعات والطمع في المُلك ، فكان عزّ الدين أيبك،
وكان من مااليك زوجها الملكنجم الدين الصالح أيوب .
ومع بداية حُكم عز الدين أيبك ، بدأ حكم المماليك في مصر ، وبدأت دولة المماليك.
المماليك دولة
المماليك البحريّة
وفي عام 1381م تولّى الصالح حاجي الحكم خلفا لأخية السلطان المنصور علاء الدين
ولكن لم يمض على حكمه سوى سنة حتى خلع في عام 1382م وتولى الحكم الأمير
برقوق من المماليك الجراكسة.
بعد عام واحد تمت إعادة الصالح حاجي وحكم مدة سنة واحدة، ثم أخرج السلطان
برقوق من سجنه وأُعيد إلى سلطانه، وبذلك غنهتى أمر المماليك البحرية بشكل دائم
وجاء عهد المماليك
الجراكسة أو البرجية.
المماليك البُرجيّة
المماليك البُرجيّة ينتمون إلى العنصر الجركسي ( الجراكسة ) والذين ينتمون إلى بلاد
الكُرْج ، وهى منطقة تقع شمال أرمينيا حالياً ، بين البحر الأسود وبحر الخَزر ، واليوم
تُعرف هذه المنطقة بجمهورية جورجيا.
العنصر الجركسي،وأكثر منهم واسكنهم في أبراج القلعة ، ولذلك عُرفوا بالمماليك
البُرجيّة ، حتى يتميّزوا عن المماليك التُرك.
وقد تعرض برقوق لمحاولة اغتيال من المماليك التُرك ، ولكنه كشف أمرهم وتخلّص
منهم ، وارتفع شأنه بين الجراكسة ، إلى أن أصبح سلطاناً عام 1382م وحمل لقب
الظاهر سيف الدين برقوق ، وبذلك تم وضع النهاية لحكم أُسرة قلاوون ونهاية
المماليك البحريّة .
ومن أشهر سلاطين المماليك البُرجي’ السلطان الأشرف قايتباي الذي قام بغزوات إلى
جزيرة قُبرص ، والسلطان قنصوه الغوري الذي يُسمى على إسمه حى الغوريّة الشهير
بمصر الآن ، وخلال حُكمه لمصر كانت البرتغال قد بدأت الكشوف الجغرافيّة وتواجدت
بشكل استعماري في المنطقة ، كما ظهر الخطر العثماني ، وظل الغوري يحكم مصر
حتى قُتل في معركة مرج دابق على يد السلطان العثماني سليم الأول وهو يدافع عن
الشام أمام العثمانييّن الذين استولوا على الشام واسروا الخليفة العبّاسي المُتوكل على الله.
وتولى القيادة والسلطنة من بعده طومان باي الذي قًبِل تولى القيادة والسلطنة بعد أن أقسم
له الأمراء على السمع والطاعة وقد حضر البيعة يعقوب المُستمسك بالله الخليفة
المعزول وذلك لوجود إبنه الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث أسيراً بأيدي
العثمانيين بحلب.
ثم انهزم طومان باي بمعركة الريدانية في 1517ميلادي، وتم شنقه على بابا زويلة ،
وبذلك دخلت مصر تحت مظلة الخلافة العثمانية.
ولكن لم ينته المماليك من الساحة السياسيّة والعسكريّة المصريّة.
علاقة الوضع الاقتصادي بضعف دولة المماليك
الكشوف الجُغرافيّة وعلاقتها بضعف دولة المماليك.
وأما عن الأسباب الخارجية فكان أبرزها إكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء
الصالح عام 1498م فتحولت التجارة بين الشرق والغرب إلى رأس الرجاء الصالح،
وبالتالي لم تعد مصر معبرًا للتجارة العالمية ففقدت الدولة المملوكية بذلك أهم مصدر
لثرائها.
وعندما أرادت تعويض ذلك النقص في الدخل لم تجد أمامها إلا مصادرة أملاك الناس،
وفرض ضرائب ومكوس جديدة خاصة على الفلاحين، مثل ضريبة الغلّة في عهد
قايتباي، فزادت نقمتهم على حكم المماليك، ومن ثم كانت ثوراتهم، وهجراتهم إلى المدن
فهجر الناس الأراضي وتم اهمال الزراعة مما أدى إلى تفاقم المشكلة الاقتصادية، وأدى
في النهاية لانهيار
النظام النقدي للدولة المملوكية.
المماليك حكاماً مع بداية عهد العثمانيين في مصر
عاش سليم الأول في مصر ثمانية شهور ، وقُبيل مغادرته مصر، عيّن عليها حاكماً خاير
بك ، كما ولَّى على الشام جان بردي الغزالي، مكافأة لهما على مساعدة سليم الأول في
احتلال مصر والشام، حيث لعب الاثنين دوراً كبيراً في خيانة قنصوة الغوري وطومان
باي .
والسؤال هو، هل إنتهى نفوذ الماليك خلال العهد العثماني؟
تعالوا نتعرف على الإجابة .
بالرغم من بسط الدولة العثمانية نفوذها على مصر لكن ذلك لم يؤد إلى القضاء على
نفوذ المماليك، بل على العكس من ذلك فقد كانوا شركاء مع الوالي العثماني في إدارة
البلاد، لكن كان نفوذهم ضعيفاً طوال قوة الدولة العُثمانية ، لكن بمجرد أن بدأ الضعف
يتسلل إلى الدولة العثمانيّة ، وتنشغل بحروبها مع أعدائها بدأ نفوذ المماليك يتصاعد
تدريجيا في مصر، وبدءوا يتلاعبون بالوالي العثماني.
وقد ساعد ضعف الدولة العثمانيّة خلال القرن الثامن عشر الميلادي ، على ظهور عدد
من قادة المماليك الذين كانوا يتولون منصب شيخ البلد (أي حاكم) القاهرة وكان هذا
المنصب أعلى المناصب التي يتقلدها المماليك البكوات.
على بك الكبير ومحمد بك أبو الدهب
قي نهايات القرن الثامن عشر الميلادي انشغلت الدولة العثمانية في حروب مع روسيا
واستغل علي بك الكبير تلك الفرصة ، فقام على بك الكبير باستصدر أمراً من الديوان
بعزل الوالي العثماني ، وتولى هو منصب القائمقام بدلا من الوالي المخلوع.
وبدأ ممارسة السلطة الفعليّة على مصر ، ومنع قدوم أى والي عثماني مدة أربع سنوات،
كذلك لم يقم بإرسال الأموال السنويّة إلى الدولة العثمانية كما كانت العادة، ونستطيع
القول أن على بك الكبير مارس سلطة انفصاليّة فعليّة على مصر حتى أنه قام بسك العملة
بعيدأًعن الدولة العُثمانية.
وتمكن على بك الكبير من السيطرة على شمال وجنوب مصر ، وان يقضى على الفتن
داخل مصر ، ودانت له مصر من الشمال إلى الجنوب ، بل أنه لم يكتف بذلك بل تمكن
من ضم الحجاز واستولى على ميناء جدّة وجعل منه مستودع للبضائع في وسط المسافة
بين مصر والهند والشرق الأقصى ، في محاولة لتعويض خسائر مصر من تحويل
طريق التجارة العالمي من مصر
إلى رأس الرجاء الصالح.
وقد شجعه نجاح قائده محمد بك أبو الدهب في الاستيلاء على الحجاز،في التفكير في
الاستيلاء على الشام ، وخاصة بعد استتنجاد ضاهر العُمر والى عكا به.
ولم ينس على بك الكبير الاتصال بالأسطول الروسي عارضاً التحالف مع روسيا ضد
الدولة
العثمانيّة .
ومن ثم فقد أرسل قائده محمد بك أبوالدهب ضمن حملة إلى الشام ، وتمكن ابو الدهب من
تحيق عدة انتصارت حتى دخل غزة وصولاً إلى يافا وانضم اليه ضاهر العُمروفتحوا
ضيدا ، ولم يتبق إلا الوصول إلى دمشق . ولقي الجيش العثماني هزيمة كبيرة، ودخل
محمد أبو الدهب دمشق في 1771.
ولكن سُرعان ما انقلب محمد بك أبو الدهب على سيده و عاد أبو الدهب سريعا إلى
مصر، وسحب في طريق عودته جميع الحاميات التي كان قد أقامها في البلاد المفتوحة،
وبدأ يُحارب سيده ، وكانت الغلبة في النهاية لأبي الدهب ، واضطر علي بك الكبير إلى
مغادرة القاهرة ولجأ لصديقه ظاهر العمر ، وبدأ في تنظيم قواته والاتصال بقائد
الأسطول الروسي ،
الصالحية بالشرقية ، التقى بجيش أبي الدهب في 1773 م في معركة كان النصر حليف
محمد بك أبوالدهب ، وأصيب علي بك في هذه المعركة بجراح ، وتم نقله إلى القاهره
وأشرف على علاجه حتى توفي.