الجديد

على بك الكبير وأخطرحركة انفصاليّة عن الدولة العثمانيّة l فصول الخيانة - أصل الحكاية

 حركة على بك الكبير وخيانة محمد بك أبو الدهب


على بك الكبير وأخطرحركة انفصاليّة عن الدولة العثمانيّة  l  فصول الخيانة - أصل

 الحكاية 


                      أخطر حركة انفصاليّة عن الدولة العثمانيّة في مصر 


ذلك الفتى يوسف بن داوود ، الذي حكم مصر تحت راية الدولة العثمانيّة .

ما أصل على بك الكبير  ؟ وكيف وصل إلى مصر ؟ وما الظروف التي جعلته يقوم

 بمغامرة الاستقلال عن مصر ، وما علاقته بمحمد بك أبو الدهب ؟ وكيف كانت نهايته ؟

تلك التساؤلات وغيرها نتعرف عليها في تلك السياحة العقليّة في أصل الحكاية.

     

     لمتابعة موضوع عمر مكرم وعلاقته بمحمد على  اضغط على الرابط 

    التالي ( من هُنا


   أصل على بك الكبير

هو ذلك المملوكي الذي حكم القاهرة كشيخ للبلد أيام العثمانيين، وأحد أشهر المماليك الذين

 سجلوا اسمهم في صفحات التاريخ كواحد من القادة الذين  حاولوا الاستقلال بمصر عن

 الدولة العثمانية، لكنه تعرض للخيانة على يد ساعده الأيمن وقائد قواته محمد أبو الدهب،

 حيث أنهى مشروعه الاستقلالي وانتهى الأمر بمقتل على بك الكبير.


توضِّح المصادر التاريخية أن اسمه يوسف بن داوود ، كان والده قساً أرثوذكسياً ، من بلاد

 الأبخاز التي استقلت عن جمهورية جورجيا السوفييتية في تسعينيات القرن الماضي ، وتم

 اختطافه من  قطّاع الطُرق واشتراه تجّار الرقيق، وانتهت رحلته في ميناء الاسكندريّة

حيث تم بيعه لمدير جمارك الإسكندرية لتبدأ رحلته في مصر. 


البداية مصر ولاية عثمانيّة

أصبحت مصر ولاية عثمانيّة عندما نجح السلطان سليم الأول من دخول مصر عام  عام

 1517م ، وقد اعتمد سليم الأول على اثنين من المماليك لحكم مصر في البداية ، ثم أصبح

 الوالي الذي يحكم مصر يأتي إليها موفداً من السلطان العثماني .


 ولقد سجّل التاريخ معاناة  المجتمع المصري في شتى المجالات  تحت حكم العثمانيين

الذين يمثلهم الوالي الباشا المقيم في القلعة ، وكان لاهَمّ له إلا جمع الضرائب والتنكيل

 بالمصريين، ثم يقوم بإرسال ماهو مقرّر إلى إسطنبول، ويُبقي له ولحاشيته والإنكشارية 

ما تبقّى.


     لمتابعة أصل حكاية المماليك البداية والنهاية اضغط على الرابط 

    التالي ( من هُنا


وقد أقام السلطان نظام حُكم لامركزي  يضمن له التبعيّة حيث جعل مدة الوالي ثلاث

 سنوات ، ومنح الحامية العسكريّة والديوان سلطات رقابيّة على الوالي.


وقد تنازع  الباشا الوالي مع نخبة من أمراء المماليك، البكوات حيث كانت بأيديهم مقاليد

 السلطة المحليّة ، فظهرت مراكز قوى مملوكية عدة تتصارع فيما بينها على منصب شيخ

 البلد، وهذا المنصب يتولاه أحد كبارالأمراء المماليك من ذوي القوة بفرمان من السلطان

 العثماني في إسطنبول.


ونتيجة لتلك السياسة وانصراف الولاة عن الاهتمام بأمور الدولة ،  تدهورت الزراعة

 والصناعة والتجارة ، وتفاقمت مستويات الفقر في كافة أنحاء مصر ،  ولم ينشغل

 الباشوات العثمانيين (الولاة) إلا بجمع الضرائب ، فتدهورت الأحوال الاجتماعية

 للمصريين.

وبسبب تلك الأحوال وغيرها من الأمور السياسية ، ظهرتْ في النصف الثاني من القرن

 الثامن عشر حركة استقلالية قادها على بك الكبير لفصل مصر عن الدولة العثمانية وبناء

 دولة مستقلة.

     

     لمتابعة أصل حكاية محمد على وسقوط الدولة السعوديّة الأولى 

    اضغط على الرابط التالي ( من هُنا )  


الأوضاع التي هيأت ظهور علي بك الكبير


تشابهت وتشابكت  الظروف الموضوعية والذاتية، والأسباب المتعدّدة والمتنوعة لظهر

 حركة على بك  الكبير التي جاءت استجابة لكل ما ذكرناه من ظروف موضوعية فرضها

 واقع المجتمع المصري ، وواقع الدولة العثمانية ذاتها من النواحي السياسية والاقتصادية.



ونتيجة لكل ذلك انتشر قُطّاع الطُّرق ، وتفاقمت هجمات البدو  الذين كانوا يهجمون على

 القرى من أجل نهب وسلب الأهالي ،  ونتج عن كل ذلك  هجرة الفلاحين للأرض بسبب

 الضرائب وسوء نظام الالتزام الذي بموجبه كان المُلتزم يتولى جمع الضراب من الفلاحين

 ، وكان يأخذ زيادة عن الضرائب المُقرّرة ويحجزها لنفسه .


فتهالكت  القرى بسبب وانتشرت الأمراض والأوبئة التي كانت تحصد أرواح آلاف الفلاحين، إضافة إلى عدم اهتمام الدولة  بالترع والجسور والقنوات.

 

أمّا عن المُدن فقد  عانى الحرفيون وأصحاب الصناعات اليدويّة البسيطة بسبب كثرة

 الضرائب ، إضافة إلى تدهور العملة وارتفاع الأسعار ، مما انعكس على مستوى المعيشة

 في المدن، فانعدم الأمن  وانتشرت السرقات وساءت الحوال الاجتماعيّة.


على بك الكبير شيخاً للبلد


أمّا عن أحوال لدولة العثمانية فقد أصابها الضعف والوهن ، وانتشرت الحركات الانفصاليّة

 في أماكن مُتعدّدة ، منها أوروبا الشرقية والوسطى وشرق الأناضول ، وقد جاءت حركة

 علي بك الكبير في مصر والشام في هذا السياق التاريخي المنطقي والموضوعي .


 وليس ببعيد عن على بك الكبير حركة الشيخ ضاهر العُمر حليف وصديق علي بك الكبير

 الذي انشق في الشام، حيث مثّلت الحركتان تحديات جمة للدولة العُثمانيّة.


أمّا عن الوضع الدولي فلم تكن أحوال الدولة العثمانيّة أفضل حالاً ، حيث اشتعلت في

 بدايات النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي  حرباً ضروساً بين العثمانيين

 وروسيا القيصرية ، وقد مثّلت تلك الحرب وانشغال العثمانيّين أحد أهم العوامل التي

 شجعت ودعمت  حركة علي بك الكبير في مصر في ستينيات القرن الثامن عشر.

 

في ظل هذه الصورة السوداويّة ، كان المناخ العام مُهيئاً  لظهور  شخصية محور أحداث

 حكايتنا ، فقد تولى على بك الكبير  ، وتخلّص من الوالي العثماني ، وقام بسك العُملة

 باسمه وأعلن انفصاله عن الدولة العثمانيّة .


أمّا عن أهم ما قام به خلال فترة حكمه لمصر ، فأهما ، صك عملة بعيداً عن اسم السلطنة 


 وقد تمكن من القضاء على قُطّاع الطرق ومفاسد العربان ، وجعل مصر وجهة تجاريّة 


لتجارة البحر المتوسط إلى الدرجة التي جعلت كثير من القناصل والتُجّار نشاطهم من 


إسطنبول إلى القاهرة .


كما اهتم بإصلاح  الموانئ، بعد أن سيطر على الحجاز، والشام، كما أمّن طريق الأربعين

 الذي يبدأ من أسيوط حتى يصل إلى السودان ووسط أفريقيا.

 

وقد نتج عن كل ذلك شعور العامة بالأمان ،  مما جعل عامة الناس تلتف حول حركة بك

 الكبير، كما سانده عدد من علماء الأزهر.

ومع تثبيت أقدامه قام بمنع قدوم الولاة العثمانيّين إلى مصر خلال أربع سنوات ، وبداية من

 عام 1768م توقّف على بك الكبيرعن إرسال الأموال المقرّرة سنوياُ على مصر إلى

 السلطان العثماني في الأستانة .

ونجح  في السيطرة على أحوال مصر، في الوجهين البحري والقبلي، كما تمكّن من القضاء

 على الفتن  في الشرقية والقليوبية والبحيرة ،  ثم قضى على نفوذ شيخ العرب همام بن

 يوسف الهواري زعيم الصعيد عن طريق قائده محمد بك أبو الدهب .


خارج الحدود لم يكتف علي بك الكبِير بأن بسط نفوذه وسلطانه على مصر فقط بل تطلع

 إلى ضم الحجاز إلى طريق الرجاء الصالح.

 

 على بك الكبير يتطلع للخارج  

الحجاز

تخلص على بك الكبير من كل منافسيه من المماليك ، واستطاع القضاء على حركة البدو،

 ودانت له الدلتا ، ثم اتجه للصعيد ، ومن ثم وجّه أنظاره إلى الخارج  فأرسل حملة للحجاز

 بقيادة قائده وزوج ابنته محمد بك الخازندار الذي عُرف فيما بعد بـ "محمد بك أبو الذهب"

 منتهزاً فرصة الصراع على إمارة مكة ، وقيام أحد الطراف بالاستنجاد بعلي بك الكبير.

 

وبهذا تمكّن من بسط سلطانه على الحجاز، ثم اتجه إلى تأمين  طريق التجارة  عبر البحر

 الأحمر، الذي كانت تَدخُله الأساطيل التجارية القادمة من الشرق الأقصى والهند.


وكانت سيطرته على الحجاز بهدف تأمين الحج للمصريين والمغاربة والشوام ممن

 يساقرون إلى الحج كل عام ، كما تطلَّع إلى  إحياء تجارة مصر مع الهند بالاستيلاء على

 ميناء جدة ،  وجعله مستودعًا لتجارة الهند والشرق الأقصى فبهذه التطلعات يُعيد الثروة

 والغنى التي فقدتها مصر جراء تحول تجارة الشرق إلى طريق رأس الرجاء الصالح.


وقفه مع أبو الدهب

 

بعد تلك النجاحات التي حققها محمد بك أبوالدهب مع شيخ العرب همّام ، الذي انتقل للعيش

 في النوبة ومات هناك بعد خيانة ابن عمه إسماعيل وتحالفه مع أبو الدهب .


قام على بك الكبير بتعيين محمد أبو الدهب  في منصب الخازندار، بمثابة وزير الماليّة ،

 ومن سعادته بالمنصب  قام  بنثر الذهب على الناس، ومن هنا جاء اسمه .

بعد نجاحه في بلاد الحجاز عيّنه على بك الكبيرفي منصب قائد عام الجيوش بلقب "

 سنجق"

ومن حينها بدأ يّعد العدة للقيام بحملة كبيرة لغزو الشام وبداية الاستقلال الفعلي عن الدول

 العثمانية .

 

الشام والخيانة ومحمد بك أبو الدهب

ثم تمكّنّ على بك الكبيرمن التحالف مع علي بك الكبير مع الشيخ ضاهر العمر واستطاع

 ضم الشام، ودخل الجيش المصري دمشق.

 لكن تمكنّ العثمانيّون من  استمالة قائده محمد بك أبو الذهب الذي انسحب بحاميته دون

 أسباب، وانقلب على سيده وولي نعمته .

ومع بداية تطبيق حلم الاستقلال وتطبيقه على أرض الواقع ،  ترأّس حملة كبرى إلى بلاد

 الشام لمساعدة الشيخ "ظاهر العمر"  في حربه مع والي دمشق العثماني.

وتتغيّر الأحداث وتنقلب الموازيين ، عندما ظهر  أبو الدهب، ليدمّر الخطة من الأساس،

 ولولا غدر أبو الدهب وخيانته لكانت  حركة على بك الكبير أكثر خطورة على الدولة العثمانية.

 

وانتهت المغامرة بعد أن  قام محمد أبو الدهب بالاتصال بالخلافة العثمانية ليعقد معها اتفاقا

 على قتل علي بك الكبير، وأن يصبح هو واليا على مصر، مقابل أن تعود مصر الى سلطة

 الدولة العثمانية

 

خيانة وانتصار

استطاع أبو الدهب في الشام من السيطرة على  غزة والرملة، وحاصر يافا لمدة شهرين

 قبل أن يتمكّن من دخولها ،  ثم صيدا ، وبعد ذلك اتجه إلى دمشق لمحاربة واليها عثمان

 بك العظم حليف السلطان العثماني.

ودخل دمشق بعد معركة خاطفة عام 1771م ، وكان جيش محمد ابو الدهب بالقوة التي

 يسحق بها جيش عثمان بك والعثمانيين الذين معه .

ولكن وفي موقف مغاير للواقع ينحسب أبو الدهب ويعود للقاهرة ،  بحجّة سوء معاملة

 ظاهر العمر حليف علي بك الكبير له، ومن المؤكد أن السبب الحقيق كان اغراء الباب

 العالي في الآستانة لأبو الدهب بولايته لمصر إذا استطاع إزاحة علي بك الكبير من

 المشهد في مصر .

ويقوم على بك الكبير  بنفيه الى الصعيد ، وفي الصعيد، بدأ في تأليب المماليك على سيدهم

 علي بك الكبير خاصة عندما خرج على بك  للحرب في بلاد الشام وتعيينه لـ " أيوب بك "

 حاكماً على جرجا.

 قام أبو الدهب باغتيال أيوب بك حاكم جرجا ،  ليلتف حوله كل المعارضين لعلي بك

 الكبير ومنها قبائل الهوارة ،  وبدأ الصراع بين أبى الدهب وعلى بك الكبير والذى انتهى

 بهزيمة علي بك الكبير فى معركة الصالحيّة الشهيرة.

وكانت الهزيمة من نصيب " علي بك الكبير "  حيث سقط عن جواده ونُقل إلى خيمة  أبو

 الدهب الذى أحضر له الأطباء لمداواته، ولكنه توفى بعد أسبوع من وصوله للقاهرة .


 وهكذا نجح «محمد بك» في إقصاء «علي بك الكبير» وإزاحته من طريقه، وتولي زمام

 الأمور في مصر ونصّب نفسه شيخا للبلد «سنجق بك القاهرة»، ثم أرسل يعرض على

 الباب العالي العثماني إعادة مصر إلى الحظيرة العثمانية، وطلب الإذن بالقضاء على

 «ظاهر العمر» بحجة خروجه على الدولة وتحالفه مع أعدائها الروس.

 

نهاية أبو الدهب

أعطى السلطان الأمر  لمحمد بك أبو الدهب لمحاربة ضاهر العُمر في بلاد الشام ،  قاد أبو

 الدهب جيشا كبيرا إلى فلسطين 1775م ، وقد لعبت الخيانة دوراً في انتصار أبو الدهب 

حيث تحالف معه الجنود المغاربة من جند ضاهرالعمر .

 كذلك تحالف معه عثمان بك ابن ضاهر العمر طمعا في أن يحل محله في ولاية صيدا،

 لتتحالف كل الظروف مع أبو الدهب .

وسيطر أبو الدهب على فلسطين ،  وقدم له الأمراء الطاعة والولاء، ودمر الحصون

 والقلاع التي بناها ضاهر العمر .

وتأتي النهاية بالخيانة كما بدأت ، حيث يتمكن ضاهر العمر من تقديم رشوة للطباخ الخاص

 بمحمد أبو الدهب كي يضع له السم في الطعام، ليموت هناك في فلسطين ويحمله أتباعه

 لدفنه بمسجده في القاهرة .

لتنتهي قصة على بك الكبير ، وتنتهى حركته الانفصاليّة عن الدولة العثمانية ، وتنتهي

 فصول الخيانة الت سجلها التاريخ في صفحاته وما أكثرها.   

 

 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -