الجديد

مراحل ومحطات تعويم الجنيه المصري

 

تعويم الجنيه المصري


مراحل ومحطات تعويم الجنيه المصري

 

محطات في مراحل التعويم 

مقدمة 

تعويم الجنيه المصري هو قرار يتم اتخاذه من قِبل السلطات النقدية

البنك المركزي

لتحرير سعر صرف العملة،

مما يعني أن قيمته تحددها قوى العرض والطلب في السوق بدلاً من تثبيتها عند سعر معين مقابل العملات الأجنبية.

 على مر العقود الماضية، تعرَّض الجنيه المصري لعدة مرات من التعويم،

بعضها كان جزئيًا وبعضها الآخر كاملاً.

في الدقائق التالية  سنستعرض أهم محطات تعويم الجنيه المصري من البداية وحتى آخر مرة.

المرة الأولى

 أول مرة: تعويم عام  1977م

في عهد الرئيس أنور السادات، واجهت مصر صعوبات اقتصادية كبيرة ناتجة عن حرب أكتوبر 1973 وتكاليف إعادة البناء.

نتيجة لذلك، وتحت ضغط من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،

اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بتخفيض قيمة الجنيه بشكل جزئي في عام 1977.

كان هذا التعويم جزئيًا وكان الهدف منه تخفيف الضغط على الاقتصاد، ولكن لم يكن تعويمًا كاملاً بمعنى التحرير الكامل لسعر الصرف.

 

في ذلك الوقت، ارتبط الجنيه بالدولار بسعر رسمي،

ولكن هذا السعر لم يكن يعكس القوة الشرائية الحقيقية للعملة في الأسواق الموازية (السوق السوداء).

لذا كان التخفيض أول خطوة نحو إصلاح النظام النقدي في البلاد، لكنه لم يحقق النجاح المنشود واستمر الاقتصاد المصري في مواجهة تحديات كبيرة.

 المرَّة الثانية

 تعويم عام  1989م

بعد عدة سنوات من عدم استقرار الاقتصاد، اتخذت مصر خطوة أخرى تجاه تحريرِ سعر الصرف في عام 1989 في عهد الرئيس حسني مبارك.

كان هذا التعويم جزئيًا أيضًا، حيث خفضت الحكومة قيمة الجنيه مقابل الدولار، وكان الهدف منه معالجة نقص العملة الصعبة في السوق وتعزيز الصادرات.

 

نتيجة لهذا القرار،

استمر تدهور قيمة الجنيه أمام الدولار بشكل تدريجي،

 ولكن الحكومة لم تكن قادرة على ترك السوق يحدد القيمة بشكل كامل،

مما أدى إلى استمرار وجود سوقين لسعر الصرف: السوق الرسمي والسوق الموازي (السوداء).

 

المرَّة الثالثة

  تعويم عام  2016 م

التعويم الأكثر شهرة وتأثيراً هو الذي تم في نوفمبر 2016. بعد سنوات من التباطؤ الاقتصادي ونقص الدولار في الأسواق،

قررت الحكومة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء شريف إسماعيل،

وبالتنسيق مع البنك المركزي بقيادة المُحافظ طارق عامر، تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل.

 

جاء هذا القرار كجزء من برنامج إصلاح اقتصادي شامل بالتعاون مع صندوق النقد الدولي

الذي قدم قرضًا بقيمة 12 مليار دولار لمصر.

وكان الهدف من التعويم استقرار الاقتصاد المصري وزيادة تدفقات العملة الأجنبية من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي وتحفيز الصادرات.

بعد هذا التعويم، انخفض الجنيه من سعر حوالي 8.88 جنيه للدولار إلى أكثر من 18 جنيه للدولار في غضون أشهر قليلة. رغم أن التعويم أدى إلى تحقيق استقرار نسبي في الاحتياطيات الأجنبية وتعزيز الصادرات،

 إلا أنه أثّر بشكل كبير على حياة المواطنين من خلال زيادة معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.

المرَّة الرابعة 

 تعويم عام  2003م

في يناير 2003، اتخذت الحكومة المصرية تحت رئاسة رئيس الوزراء عاطف عِبيد خطوة جريئة بتحرير سعر صرف الجنيه بالكامل،

في ما أُعْتُبِرَ أول تعويم فعلي وكامل للعملة. جاء هذا القرار في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة ونقص كبير في العملة الأجنبية.

 

نتيجة لهذا القرار،

انخفضت قيمة الجنيه بشكل كبير وسريع مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى.

الهدف من هذا التعويم كان جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة التصدير من خلال جعل السلع المصرية أرخص في الأسواق العالمية،

 لكن آثار التضخم والارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات أثرت سلباً

على مستوى المعيشة للمواطنين.

المرَّة الخامسة

 تعويم 2022-2023 م

وهذه المرَّة هي أحدث موجات تعويم الجنيه جاءت في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية التي خلفتها جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

 في مارس 2022، قرر البنك المركزي المصري خفض قيمة الجنيه بشكل ملحوظ كخطوة أولى للتعويم التدريجي، ليرتفع سعر الدولار أمام الجنيه بشكل مفاجئ من حوالي 15.70 جنيه إلى أكثر من 18 جنيه للدولار.

ومع استمرار الضغوط الاقتصادية،

 تم اتخاذ خطوات أخرى في أكتوبر 2022 ويناير 2023 نحو تحرير سعر الصرف بشكل أكبر.

 في تلك الفترة، قفز سعر الدولار إلى أكثر من 30 جنيه للدولار، مما أدى إلى صعوبات اقتصادية كبيرة، لا سيما في ظل تراجع القدرة الشرائية وارتفاع أسعار السلع بشكل كبير.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتعويم الجنيه

تكرار تعويم الجنيه المصري خلال العقود الماضية كان له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد والمجتمع المصري.

 في كل مرة تم فيها تخفيض قيمة العملة أو تعويمها، شهد الاقتصاد المصري حالة من التضخم

وارتفاع تكاليف المعيشة. وفي المقابل،

عززت هذه الخطوات تدفق الاستثمارات الأجنبية وزادت من حجم الصادرات.

 

إلا أن التحدي الرئيسي ظل دائمًا هو كيفية الموازنة بين تحرير سعر الصرف واستقرار الاقتصاد المحلي، خصوصًا في ظل الاعتماد الكبير على الواردات.

 

النهاية

منذ أول تعويم للجنيه في 1977 وحتى آخر تعويم في 2023، تعكس هذه الخطوات المحاولات المتواصلة من الحكومة المصرية للتكيف مع الظروف الاقتصادية المحلية والدولية المتغيرة. على الرغم من أن تعويم الجنيه قد جلب فوائد اقتصادية معينة، مثل زيادة الصادرات وتدفقات العملة الأجنبية، إلا أنه خلف آثارًا اجتماعية صعبة تمثلت في التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، مما أثر بشكل كبير على حياة المواطنين.

 


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -