الجديد

محمد كُريِّم وجها لوجه مع نابليون بونابرت l أصل الحكاية

 

محمد كريم يدافع عن الاسكندرية


محمد كُريِّم وجها لوجه مع نابليون بونابرت l  أصل الحكاية 


محمد كُريِّم المناضل المصري 


في يوم السادس من سبتمبر عام 1798م شهدت مدينة القاهرة إعدام ذلك المُناضل الشريف الوطني مُحمد كُريّم جراء مقاومته للحملة الفرنسيّة بقيادة نابليون بونابرت.

تم إعدامه  في ميدان الرميلة  ووضع رأسه على نبوت وطافوا برأسه شوارع القاهرة ، حتى يكون عبرة لكل مصري شريف يفكّر في مقاومة الاحتلال ، وباتت مصر كلها ليلة حزينة على إعدام مُحمّد كُرِّيم .

تم إعدامه بعد أن رفض أن يفتدي نفسه بمبلغ كبير من المال ،  بعد أن عرض عليه المُحقق الذي كان يُحقق معه بإيعاز من نابليون أن يدفع فدية قدرها ثلاثون ألف ريال خلال أربع وعشرون ساعة ، فرفض  وقال "إذا كان مقدوراً علي أن أموت فلن يعصمني من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدراً لي الحياة فعلام أدفعه".

    

    لمتابعة موضوع عمر مكرم وعلاقته بمحمد على  اضغط على الرابط 

    التالي ( من هُنا


إبن حي الأنفوشي بالاسكندريّة الذي قاوم الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت ، وأُعجب ببسالتة وشجاعته نابليون بونابرت ، وأبقاه حاكماً على الإسكندرية كي يضمن ولاءه للفرنسيّين ، لكنه استمر في مقاومتهم .

محطات مضيئة في حياة ذلك المُناضل الذي سجّل اسمه بين محافظين وحكّام مدينة الإسكندرية .

تعالوا معاً في سياحة عقليّة لنتعرف على أهم ملامح ومحطات في قصة كفاح محمد كُريِّم

ضد الفرنسين .

البداية

مصر ترزح تحت حكم العثمانيّين منذ عام 1517م عندما جاء السلطان العثماني سليم الأول على رأس جيش كبير وتمكن من القضاء على دولة المماليك .

ومنذ ذلك التاريخ عاشت مصر فترة مُظلمة من تاريخها عانى فيها الشعب المصري من الظُلم والجهل والفقر.

وتمر الأيام والسنون وتبدأ الدولة العثمانيّة في الضعف ، وتفقد زمام السيطرة على ولاياتها المتناثرة  داخل إمبراطوريتها الضخمة .

وبسبب حركة الكشوف الجغرافيّة التي بدأها البرتغاليّون وتحوُّل طريق التجارة العالمي إلى الدوران حول إفريقيا من خلال طريق رأس الرجاء الصالح ، إزداد الوضع الاقتصادي سوءاً في مصر وازدادت معاناة المصريين تحت الجكم العثماني ، وسيطرة المماليك الذين كانوا يحكمون مصر فعلياً تحت عباءة الدولة العثمانيّة الضعيفة.

 

   لمتابعة أصل حكاية على بك الكبير وأخطر حركة انفصاليّة عن الدولة العثمانيّة 

   اضغط على الرابط التالي ( من هُنا


  الصراع الأوروبي ومصر في بؤرة الاهتمام بطرق التجارة العالميّة

هناك في أوروبّا وفي فرنسا عام 1789م ينتفض الشعب الفرنسي ضد حاكمه الظالم لويس السادس عشر ويتمكن من القضاء على النظام الملكي المُطلق الفاسد ، وتنجح تلك الثورة الشعبيّة الاجتماعيّة العظيمة في تغيير وجه فرنسا لتصبح جمهورية فرنسا .

فرنسا الفتيّة بعد هزيمة التحالف الأوروبي الذي كان يطمع في ضرب الثورة الفرنسيّة ومبادئها بدأت في التطلُّع خارج فرنسا لاستكمال حلقات الصراع مع بريطانيا التي تزعمت التحالف الأوروبي ضد الثورة .

ولما كان من الصعب على فرنسا ضرب إنجلترا في عُقر دارها بسبب القوة البحرية التي تمتلكها انجلترا ، وجهت فرنسا أنظارها إلى الشرق لقطع طريق التجارة بين إنجلترا وامبراطوريتها الاستعماريّة ودُرّة التاج البريطاني " الهند ".

ومن الطبيعي لم تجد فرنسا أفضل من مصر ذات الموقع الاستراتيجي الهام لتنفيذ خطتها للانتقام من إنجلترا ، وبدأت الحكاية .

نابليون والرحيل إلى مصر

أفرزت الثورة الفرنسيّة وحروبها قيادات عسكريّة فذّة ، وعلى رأسهم نابليون بونابرت ذلك القائد الذي وُلد في جزيرة كورسيكا في البحر المتوسط ، واصبح ضابط مدفعيّة في الجيش الفرنسي .

اليوم هو قائد حملة فرنسا إلى مصر، وتبدأ رحلة الأسطول الفرنسي إلى مصر ، وهناك من يترقّب ويتابع ليعرف تحركات فرنسا .

بعيداً عن أنظار إنجلترا بدأت رحلة الأسطول العسكري الفرنسي إلى مصر ،

من ميناء تولون جنوب فرنسا على البحر المتوسط في 19 مايو 1798م، وكان أسطوله يضمُّ أكثر من مائة وثمانون سفينىة مابين حريّة ونقل ،  وإمعاناً  في تضليل الأسطول الإنجليزي القوي، إحتفظ نابليون لنفسه فقط بوجهة المسير ،  ولكن سرعان ما خرج الأسطول الانجليزي محاولاً اكتشاف الهدف الذي يتحرك له الأسطول الفرنسي الكبير، بمكن نابليون من احتلال جزيرة مالطة ثم جزيرة كريت ، ثم اتجه صوب مصر .

بعد أن علم الأسطول الإنجليزي بوجهة الفرنسيين، لاحق الأسطول الفرنسي إلى مصر ، وهناك في ميناء أبي قير البحري على سواحل مصر الشمالية تم تدمير الأسطول الفرنسي بعد أن أفرغ حمولته من جنود وعتاد ومؤن .

   

    لمتابعة أصل حكاية المماليك البداية والنهاية اضغط على الرابط

    التالي ( من هُنا


نابليون وجهاً لوجه مع المصريين ومحمد كُريِّم  

كان نابليون يعلم بوجود المماليك القوي  في مصر ، وكانت مصر في ذلك الوقت تحت حكم المملوكين مراد بك، وإبراهيم بك، ونزل نابليون على الشاطئ المصري ليواجه أوّل مقاومة شعبيّة مصرية في مدينة الاسكندريّة بزعامة المناضل محمد كُريّم .

من هو محمد كُريّم ؟

 

كان محمد كُريُّم حاكماً للاسكندريّة بعد أن أصبحت له مكانة كبيرة  بالمدينة فولاّه مراد بك  أمر الديوان والجمرك وأصبح  صاحب الكلمة العليا في المدينة والحاكم الفعلي لها.

يذكر التاريخ أن محمد كُريّم  ولد بحي الأنفوشي في مدينة الإسكندرية في نهايات النصف الأول من القرن الثامن عشر الميلادي ، ونشأ يتيماً وتولى عمه تربيته على اتجارة  وافتتح له دكاناً صغيراً في حي الأنفوشي .

أُشتُهر محمد كريم بين أبناء ميدنته بالتقوى والإلتزام حيث كان كثير التردد على المساجد للتعلُّم ، العلوم الدينية ومخالطة الناس ، كما دأب على حضور  الندوات الشعبية في المساجد، وأصبح ذائع الصيت في كافة أنحاء المدينة ،  وأحبه الناس.

بعد أن أصبح تاجراً كبيراً  وشخصيّة عامة تتمتع بالحكمة والسيرة الحسنة ، قام مراد بك بتوليته أمر الديوان والجمرك ليُصبح كما ذكرنا سالفاً أنه أصبح  صاحب الكلمة العليا في مدينة الإسكندريّة والحاكم الفعلي لها.

 

محمد كريُّم يتزعم حركة المقاومة للحملة الفرنسيّة

بعد أن نزل نابليون على سواحل الآسكندريّة أرسل وفداً إلى حاكم المدينة محمد كريم كي يسمح لأسطوله بالنزول إلى المدينة وشراء احتياجات الحملة والجنود ، لكن محمد كريم رفض طلبهم كما  تذكر كتب التاريخ  قائلاً "ليس للفرنسيين أو سواهم شيء في هذا البلد فاذهبوا أنتم عنا"،

ولأن فرنسا جاءت مصر متقدمة علمياً وحضارياَ ، فلم يكن لدى المصريين دراية كبيرة بالأسلحة المُتقدمة التي أتى بها نابليون ، وكذلك لم يكن يزيد عدد سكان الاسكندريّة عن  ثمانية آلاف نسمة.

كذلك  يكن بها من الجنود ما يكفي لصد الجيش الفرنسي المزود بالمعدات الحديثة، ولم تكن حالة حصون المدينة وقلاعها تسمح بالدفاع عنها، فخطط محمد كريّم للدفاع عن المدينة ، بعد أن أرسل استغاثة إلى مراد بك وإبراهيم بك  في القاهرة .

واستقر الرأي في القاهرة  على أن يسير مراد بك مع جنوده إلى الإسكندرية لصد الفرنسيين ويبقى إبراهيم بك في القاهرة للدفاع عنها.

وفي غياب كامل للدولة العُثمانيّة وأي دور لها في الدفاع عن مصر والاسكندريّة ، وقبل وصوبل قوات مراد بك ، بدأ محمد كُريم ومعه أهالي المدينة الدفاع عن مدينتهم ، وظل يقود المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين حتى بعد أن اقتحم الفرنسيون المدينة، ثم اعتصم بقلعة قايتباي ومعه فريق من الجنود حتي نفذت ذخيرته فتوقف  عن القتال وتم أسره هو ومن معه، ودخل نابليون المدينة .

في مُحاولة من نابليون لاحتواء محمد كُريّم أبقاه حاكماً للإسكندرية وعين معه الجنرال كليبر حاكماً عسكرياً للمدينة، ولكن محمد كُريّم يواصل الكفاح ، وواصل الدعوة إلى  أهالي الإسكندرية  بمواصلة النضال و القيام بثورة ضد الحملة الفرنسية فقام كليبر باعتقال  بعض الأعيان وكبار الشخصيات والتُجّار للقضاء على الثورة، ولما لم تنجح تلك الإجراءات قام  بالقبض على محمد كريم يوم 20 يوليو 1798م ، وقام بعزله من حكم المدينة  وعين بدلاً منه السيد محمد الشوربجي الغرياني حاكماً على الإسكندرية.



نهاية محمد كريُّم

تم إرسال محمد كريّم إلى القاهرة لينظر نابلين في أمره ، وكان نابليون قد تمكن من هزيمة المماليك بقيادة مراد بك وإبراهيم بك في شبراخيت والصالحية ، وتمكن من دخول القاهرة

وصل محمد كُريّم إلى القاهرة وتمت محاكمته ، ووجه إليه الُمحقق تهماً بالتحريض على المقاومة وخيانة الجمهورية الفرنسية ، وسارت المحاكمة الصوريّة لمحمد كريّم كما يريدها الفرنسيّون .

وبتوجيه من نابليون عرض المُحقق على محمد كريّم أن يفتدى نفسه بفدية ، ودفع مبلغ كبير من المال ، ولكنه رفض وقال "إذا كان مقدوراً علي أن أموت فلن يعصمني من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدراً لي الحياة فعلام أدفعه".

وفي السادس من شهر سبتميرعام 1798م  تم تنفيذ حكم الإعدام في محمد كريّم رمياً بالرصاص في ميدان الرميلة بالقاهرة .

ويتم إسدال الستار عن قصة كفاح مناضل كبير دافع عن مدينته وبلده ضد مُحتل غاصب لبلاده ،

ولم تنس مصر تكيرم ذلك الرجل الذي ضحى بنفسه في سبيل كرامة بلاده ، حث قامت محافظة الاسكندرية بتكريم اسمه وذكراه حيث قامت في عام 1953م  بوضع  صورته لأول مرة مع صور محافظي الإسكندرية في مبنى المحافظة.

 كما تم إطلاق اسمه  اسمه على شارع في المدينة  باسم  "شارع محمد كريم"، كذلك أطلق اسمه على إحدى المدارس الخاصة بمنطقة سموحة ، وفي 27 نوفمبر 1953 م تم افتتاح مسجداً بجوار قصر رأس التين وأطلق عليه "مسجد محمد كريم" وفي حديقة الخالدين بالإسكندرية صنع له تمثال تخليداً لذكراه.


    لمتابعة موضوع عمر مكرم وعلاقته بنابليون بونابرت اضغط على الرابط

    التالي ( من هُنا


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -